سألنى هيثم الشاطر : هل من الممكن أن تنشأ جماعة أدبية مثل أصيل مجددا فى الأسكندرية ؟
قلت له بسرعة :لا أظن .
ولما سألنى مصرا على المتابعة : ( ليه ؟ ) كان على أن أجيب بشىء , فقلت وكأنما أنفض يدى من الأمر : ( لأنه صعب تلااقى شخص زى أنور جعفر تانى ) .
أنتهى حوارى مع هيثم . ذلك أنه ربما قنع بالأجابة . وربما لم تلهمه اجابتى بسؤال .
( وبعدين لما قعدت مع نفسى .... لقيت انها الأجابة الوحيدة الصحيحة )
ذلك أنى قد أعدت طرح السؤال على نفسى , وكنت طوال رحلة العودة معتقلا فى زحام الكورنيش أعاود طرح سؤال هيثم ثم أعاجله بنفس الأجابة فى تتابع ( بنج بونجى ) , بينما شىء ما ينفض ركام السنين داخل رأسى يجذبنى بعيدا عن الوعى المشغول باستعادة السؤال والأجابة , لينطلق اللاوعى حرا بلا قيود فألحق بأنور جعفر حيث هو بالفعل , كائن افتراضى يسبح فى الأثير .
أنور جعفر من الأشخاص الذين لا يموتون , اذ هو بعد أن قضى استحال الى مايشبه ( السوفت وير ) , تستطيع أن تستحضره اذا كنت تملك ( الهارد وير ) المناسب . ويستطيع أنور جعفر – فى هذه الحالة – أن يؤثر فيك نفس تأثيره الحى ... أو هكذا أزعم .
لا يزال أنور يلهمنى حتى اليوم , ليبرالى ( نضيف ) .. خالى من الشوائب .لم يحتكر الحقيقة قط , لازلت أذكره يقول خلال مناقشة ( لا قداسة الا للمقدس .. عدا الله وكتابه ونبيه لا قداسة لشخص أو لشىء ) . تلمس الأصالة فى لغتة الرصينة , وفهمه للتاريخ , وقيمه الثابتة .وتجد المعاصرة فى انفتاحه واحتفائه بالجديد , تتجاور فى مكتبته شكاوى الفلاح الفصيح , وعوليس جيمس جويس .
الحلم وسعة الصدر والبذل , راقبته وهو يتفاعل مع الشباب ويعلمهم بصبر فلم أضبطه يوما يحاول أن يضع شخصا ما فى قالب, انما هو يعلمك كيف تستخدم جناحك . ثم يطلقك .( فان شربت يوما من قنا غيره .. فلن تخسره ) وانما سيظل صديقا وفيا لك متى طلبته . صاحبته سنوات طوال , فكان الأسرع عند البذل والعطاء , والأخير فى المغانم . فالتف حوله النخبة والشبيبة كلاهما .
أين هو الأن الشخص الذى يماثل أنور جعفر ؟ .. لذلك لن تنشأ جماعة مثل التى أنشأها هو وأسميناها نحن ( أصيل ) .
أجل ....كانت اجابتى هى الأجابة الصحيحة .
محسن الطوخي
No comments:
Post a Comment