أبرز ماكان يميزه , هو قدرته على الحلم فى زمن الأحلام المجهضة .
أحببته لقدرته على التغريد خارج السرب دونما ملل . كان يدرك أنه يغرس فسيلة لن يرى ثمرتها . ورغم ذلك كان أكثر حماسا من معظم الشباب . ولأن الأدب لم يرتق فى بلادنا السعيدة الى مصاف المهنة , كان على أنور جعفر أن يغترب فى سفرتين استغرقتا القسم الأعظم من عمر أصيل . لكنه وقبل أن يرحل فى سفرته الثانية الى الامارات وضع لبنة الحلم المجهض . ترك تفاصيل وسياسة نشر كتب مبدعى الجماعة , المغلقة دونهم أبواب مؤسسات النشر الرسمية , تلك الموقوفة على أنصاف الموهوبين من المحاسيب , والمنتمون الى الأدب من باب الصحافة وهيئات وزارة الثقافة . دعمت الجماعة كل كتاب نشرته ماديا من حسابها المتواضع , أملا فى أن يغطى التوزيع تكاليف النشر . بدأنا رحلة كان يراها أنور ونراها معه نواة لدار نشر . كان حلما آيلا للسقوط , لكننا بدأناه .
فى نفس التوقيت كان حلم أنور الأول يحتضر مبددا مدخراته ومدخرات أصدقائه الأقربين .. مدخرات صغيرة لا تقوى على مناطحة حيتان الانفتاح الذين أكلوا الأخضر واليابس . اذ أفلست شركة الانتاج الفنى التى أسسها بالقاهرة . ورغم أنى كنت أحد شركائه , فقد أصر بفروسية نادرة على تحمل النتائج وحده , فسدد بسفرته الثانية كل قروش الشركاء .
ولم ينج كتاب أصيل أيضا من الغرق , الا أننا عشنا الحلم . كنا ندرك بالحدس أن أحلامنا تسبق الواقع , بينما الواقع يهرس الأحلام .
ومن بين كل أنشطة الجماعة , أعتبرت كتاب أصيل حلمى الخاص . منحته كل ساعة من النهار . وقمت بكل الأعمال التنفيذية .
كانت دفقة الابداع لدى قد تبددت بكتابة مجموعة قصص ( عش الدبابير ) حتى لقد مرت سبع سنين لم يفتح الله على بقصة واحدة , فأغرقت نفسى فى أعمال النشر . كنت أقوم باعداد نسخة الكومبيوتر , فأحملها الى المطبعة وأباشر التفاصيل حتى تضع المطبعة حملها , فأقبله كوليد . ثم نبدأ رحلة التوزيع المليئة بالاخفاقات .
مؤسسات توزيع كبرى بلا ضمير , تحرص على تحصيل حصتها نقدا عند التعاقد , ثم لا تطرح الكتاب بجدية , ثم تعيد اليك النسخ بنفس الأعداد , سالمة من كل سؤ . ولقد حققنا بعض النجاحات بجهد جماعى أسهم فيه الجميع كل حسب طاقته فى التوزيع عبر منافذ البيع داخل المدينة . لكنه جهد لم يقوعلى منح قبلة الحياه للسلسلة . فبعد اصدار أربعة كتب كان علينا التوقف , حيث نفدت قدرة الجماعة على تمويل النشر .
نجحنا أذن فى اخراج أربعة كتب الى النور هى :
- كتاب أصيل الأول : ( عش الدبابير ) مجموعة قصصية لمحسن الطوخى .
- كتاب أصيل الثانى : ( الزهر والطل ) ديوان شعر لشاكر أبو السعود .
- كتاب أصيل الثالث : ( الكشر ) رواية لحجاج أدول .
- كتاب أصيل الرابع : ( أنا الامام ) مجموعة قصصية لعبد الهادى شعلان .
ماقيمة الحلم عندما ينتهى الى الاخفاق ؟
انه يزرع القيمة .. ويثمر رغم عدم اكتماله أثرا يبقى دليلا على القدرة على الفعل .
No comments:
Post a Comment