نبت أحمد نبيه فى الندوة بتلقائية , كبذرة شجرة كامنة فى التربة تنتظر سقوط المطر . ليس جريا على عادة الأشجار , تنموحثيثا . بل نبت دوحة وارفة فكأنما خرج من جراب ساحر .
حدث ذلك فى نهايات عام 1990 , عندما حطت الندوة على مقر ثابت فى النادى النوبى العام الذى أتاح لها نقلة نوعية بالغة الأهمية . فلم تكن الندوة فى مرحلة المقاهى الا امتدادا لصالون أنور جعفر . وهو نفسه مافتىء يتعامل مع الحضور باعتبارهم ضيوفه , فلم يكن أحدنا ليجرؤ على تسديد ثمن المشروبات فى أى مقهى أرتدناه .
ويظهر اسم أحمد نبيه منذ أول تسجيل للندوات باعتباره أحد المؤسسين للجماعة , التى ستبحث لنفسها فيما بعد عن اسم وشعار وخطة عمل .
كان هناك منذ الليلة الأولى التى دخلنا فيها الى النادى النوبى , نبتسم للوجوه الشابة السمراء , ونتحسس مواقع أقدامنا . عرفته كشاعر رغم أنى لم أر له الا قصيدة يتيمة تدور على ما أذكر عن القدس الأسيرة . لكنه مفكر من طراز فريد , مثقف موسوعى . ومنذ اللقاء الأول صار واحدا من المؤسسين فلم تنقطع علاقته بالجماعة قط .
لا أنسى دوره وحماسته فى تجربة كتاب أصيل التى أنتجت رواية , وديوان شعر , ومجموعتين قصصيتين , وكيف شارك أحمد نبيه فى الاعداد والتجهيز وتولى مسئولية الاشراف على طاقم التوزيع الداخلى فى الأسكندرية , فى الوقت الذى تولت فيه أخبار اليوم التوزيع فى عموم القطر , فكان العدد الذى تم توزيعه فى الداخل عشرة أضعاف ماوزعته دار الأخبار فى محافظات مصر . والواقع أن الكثير من طموحات أصيل فى النشر لم يتحقق لأسباب ربما يسمح المقام بذكرها فيما بعد .
كما يظهر اسم أحمد نبيه فى سجل الاشتراكات الشهرية كواحد من أكثر المساهمين انتظاما فى تمويل الجماعة التى كانت تعتمد على المؤسسين فى فى الانفاق على انشطتها المختلفة . ولأوجه الصرف على تلك الأنشطة حديث مستقل .
وربما يحسب لأحمد نبيه كونه العضو الأكثر فعالية على امتداد عمر أصيل فى الاجتماعات الخاصة بالمؤسسين , وكانت أسبوعية مستقلة عن ندوة الجمعة , بغرض وضع الخطوط العامة والسياسات وحل المشكلات الطارئة , ومناقشة الاصدرات .
أما البصمة الأكثر وضوحا لنبيه فهى مساهماته وفعالياته فى ندوة الجمعة الأسبوعية التى خصصت لتناول أعمال أعمال الأدباء من شعر , وقصة , وكافة فنون الكتابة , والتى كانت بمثابة ورشة أصيل وعماد نشاطها الأساسي . وقليلون هم الذين يملكون القدرة على النقد والتحليل على البديهة بمجرد الاستماع الى العمل الآدبى مقرؤا. وكان نبيه واحد من أولئك .
وقد تميز الى جواره الشاعر المشاغب خالد يوسف . ولعل كليهما يوافياننى بشهادتيهما عن تلك الفترة لتكونا جزءا من هذا السياق .
وأحمد نبيه بعد من اللأشخاص المعدودين الذين لم تنقطع صلتى بهم منذ تركت الندوة فى 1996 . والحوار معه ممتع . يحدثك فيمتعك فى السياسة والأدب والقتصاد والتاريخ . وهو ليس كغيره نتاجا لأصيل . وانما أصيل من منتجاته .
No comments:
Post a Comment