Monday, May 23, 2011

المصريون والمجلس العسكري


        المجلس العسكرى الذى تعهد فى اول ايام الثورة بمشروعية طلبات الثوار , وتقدم للشعب بعدد من البيانات التى تؤكد ان المجلس لم ولن يتصدى للثوار لاقتناعه بمشروعية ما يطلبون , هو نفسه الذى فاجا الجميع بمجموعة من القرارات الفردية من جانبه فقط دون النظر لرغبات وتطلعات الثوار والذين هم فى الواقع جماهير الشعب المصرى على اختلافها وتنوعها, ولم تكن تلك القرارات ابدا وفى جميع مراحلها معبرة عن الحالة الثورية , واتسم اداءه بالبطء الشديد , ومارس الحكم بنفس منطق وصلاحيات النظام القديم , وكثير من الطلبات لم تكن تتحقق الا بالضغط الشعبى والاضرابات والاحتجاجات , وكثير مما كان يتطلع اليه الثوار لم يتحقق , بل المجلس شكل لجنة لصياغة دستور جديد تتم على اساسه عمليات مباشرة الحقوق السياسية من اختيار رئيس جديد على اسس ومعايير جديدة تلبى متطلبات الديمقراطية البرلمانية , وكذلك انتخاب مجلس تشريعى معبر عن الارادة الشعبية , ولم تتم عمليات المحاكمة لرؤوس الفساد الا بعد مظاهرات مليونية حاشدة شهدت الكثير من الشد والجذب بين الشعب والمجلس , تم اصدار بيان دستورى بعد استفتاء على تعديل بعض مواد الدستور القديم بالموافقة على التعديل وكان الاولى الاستفتاء على جملة بنود الاعلان الدستورى والا ماقيمة الاستفتاء , فضلا عن نقل جميع صلاحيات الرئيس فى الدستور القديم الى المجلس العسكرى , ثم صدر قانون احزاب معيب ومخيب للامال حيث لم ينص فيه على عدم قيام الاحزاب على اسس دينية دون الرجوع او مناقشة الراى العام , ثم قانون مباشرة الحقوق السياسية ايضا فى غيبة الراى العام ومتطلباتة , ثم كان قرار تعيين المحافظين بنفس اسلوب النظام السابق باختيار افراد لايحققون الحد الادنى للرضا الشعبى واغلبهم من ضباط الشرطة المتورطين فى قتل وتعذيب المواطنين , وعندما احتج اهل قنا لم تكن هناك مبادرة سريعة للحل تحت شعار هيبة الدولة وهو شعار مضلل وغير حقيقى لان الثورة ما قامت الا من اجل رفض هذا النمط من السلوك المتصادم مع حاجات الجماهير , ونفس المنطق فيما يتعلق بالقيادات الجامعية الفاسدة بحجة سيادة القانون , اى قانون والدستور برمته قد سقط وقد تم التعامل مع الطلبه بكل قسوة وتشدد , ورغم ذلك فان اصرار الجماهير يؤدى فى كل مرة الى تصادم بين الجماهير والمجلس , ورغم اعتراف المجلس بان فلول الحزب الوطنى المنحل تنخر فى استقرار البلد مثل السوس الا انه حتى الان لم يقم بحل الجالس الشعبية المحليةوالتى تتكون فى غالبيتها الكبرى من هذه الفلول الفاسدة , وهى مجالس ليس لها الان اى صلاحيات فى ظل الظروف الراهنه , كما ان قضية الانضباط الامنى لم تتحقق حتى الان نتيجة التخاذل فى محاكمة القيادات الشرطية التى تسببت فى الفرار الامنى وتهريب المساجين وقتل المتظاهرين وهى جرائم كانت تتطلب السرعة فى اجراءات المحاكمة امام محاكم عسكرية نظرا لان جهاز الشرطة بوضعه الحالى هو تنظيم شبه عسكرى ويحمل ضباطه نفس رتب القوات المسلحة , فضلا عن اعادة هيكلة جهاز الشرطة وتغييرة اذا تطلب الامر فمالم يتم انجازه الان لن ينجز قط , كما ان الحوار الوطنى لايعبر عن نيه فى احترام مايتوصل اليه من توصيات , حيث يجرى الحوار فى جانب وتصدر القرارات والمراسيم منفردة من المجلس الغسكرى وحة واغلب تلك المراسيم قاصرة ومحدودة وغير معبرة عما يجب ان تكون عليه الامور , فضلا عن كثافة اشراك قيادات الحزب الوطنى المنحل ممن اسهموا فى فساد الحياة السياسية قبل الثورة واغلبهم من اعمدة تزوير الانتخابات فى جلسات الحوار الوطنى الذى تحول الى مكلمة لن تحقق الهدف منه حيث ان المجلس العسكرى لايستمع الى اراء وتوجهات احد من القوى الشعبية المتطلعة الى التغيير, ميل المجلس فى الحقيقة الى التيارات الاسلامية سواء المتشدده منها او ذات اتجاه الاسلام السياسى بل ان المجلس العسكرى من البداية منحها اكبر من حجمها بكثير , وكذلك معالجة احداث الفتنه الطائفية بشكل سىء ومغلوط فلم تتم محاكمة او محاسبة اى متورط خاصة من جماعات الاسلام السياسى والسلفيين اى تغييب القانون وبما يترتب عليه من انتشار الفوضى وسيادة البلطجة , كما خرج علينا المجلس العسكرى بحملة ترويع وتخويف من ضعف وانهيار الاقتصاد المصرى وافلاسه وعزو ذلك الانهيار والضعف للثورة والاضرابات المطالبة بالحق والحرية وهى دعوباطلة فى معناها ومبناها , لان الضعف كما يعلم الجميع سببه سياسات النهب والسرقة فى النظام السابق وعجز وضعف الوزارة الحالية عن التعامل بجدية واحترافية لمعالجة المشكلات القائمة , وهو امر يمكن القيام به بنجاح اذا تنحت هذه الحكومة الهزيله والمشلولة بفعل تدخل المجلس العسكرى فى شئون الوزارة وتقييد حريتها فى العمل والاختيار, فضلا عن عدم اصدار القوانين المناسبة فى الوقت المناسب , وكذلك اصدار بالون اختبار حول العفو عن الرئيس المخلوع لمعالجة المشكلات الاقتصادية القائمة والتى لن تحل الا بالعفو عنه , مما تسبب فى مزيد من الاحتقان والغضب الشعبى الذى مازالت دماء ابناءة لم تجف بعد من جراء الاستخدام المفرط للقوة من قبل قيادات وراس النظام المنحل , ومازال المجلس مصرا على اجراء الانتخابات البرلمانية والرئسية قبل اصدار دستور جديد ينشا فى ظل برلمان معلوم سلفا طبيعة القوى السياسية الممثلة فيه والتى اغلبها من قوى الاسلام السياسى .

No comments:

Post a Comment